التخطي إلى المحتوى
البنية التحتية تقضي على آمالهم.. مبرمجون يخسرون وظائفهم في مصر

ويعاني الشعب المصري حاليا من أزمة مستمرة من انقطاع الكهرباء لفترات طويلة يوميا وبإيقاعات غير مستقرة، بالإضافة إلى ارتفاع درجات الحرارة بشكل غير مسبوق، مما كان له تأثير سلبي على الأجهزة الكهربائية بشكل عام وعلى الإنسان أيضا.

إذا كان بعض الموظفين في مقر الشركة يفرحون بلحظات انقطاع التيار الكهربائي لأنها تضمن لهم إجازة من العمل تحسب من وقت عملهم اليومي، فإن المبرمجين والعاملين عن بعد يشعرون بالضيق في هذه اللحظات، لأنهم يتوقفون عن القيام بمهامهم المرتبطة بها، والتي تعتمد بشكل أساسي على أجهزة الكمبيوتر سواء كان محمولاً أو مكتبياً، وكلاهما يتطلب اتصالاً مستمراً بالكهرباء وكذلك الإنترنت وشبكات الهاتف المحمول.

وتأتي الضائقة التي تشعر بها هذه الفئة المتنامية في مصر من المخاوف المستمرة من إنهاء عقودهم بسبب عدم قدرتهم على تلبية متطلبات الوظائف المختلفة، والتي غالبا ما تعطى للشركات التي تسمح لموظفيها بالعمل عن بعد، رغم أن البعض يرى أسبابا لا أساس لها من الصحة. لهذا. وتؤكد مخاوف المصريين ومشاركاتهم على منصات التواصل الاجتماعي أن ذلك أصبح واقعا يعيشه العديد من المبرمجين والعاملين عن بعد.

ملجأ في سياق اقتصادي غير مستقر

وفي مصر، لا تقتصر الأزمة الحالية على الكهرباء، ولكنها أيضًا أزمة اقتصادية طاحنة تعيشها البلاد منذ عدة سنوات بسبب تراجع قيمة العملة، ومعه ارتفاع تكاليف الكهرباء. الذين يعيشون في مختلف مناطق وقطاعات البلاد.

وعلى عكس التوقعات، فإن ارتفاع تكلفة المعيشة لم يصاحبه زيادة مناسبة في الرواتب، حيث ظلت الرواتب على حالها منذ عام 2021 على الرغم من ارتفاع مستوى المعيشة أكثر من 3 أضعاف في ذلك الوقت – بحسب سعر الـ الدولار الذي كان سعره وقتها 15 جنيها مقابل أكثر من 45 جنيها وقتها. حاليًا، لهذا السبب، اتجه الكثير من الأشخاص إلى العمل عبر الإنترنت، سواء في البرمجة أو القطاعات الأخرى، على أمل الحصول على دخل إضافي يساهم. للتخفيف من آثار التضخم.

كانت البرمجة هي الملاذ الأول والأكثر أمانًا للعديد من المهتمين بالتكنولوجيا في مصر ولمن هم في العشرينات من العمر، وكذلك لعدد قليل من الأشخاص الذين تزيد أعمارهم عن 30 عامًا، وبفضل الرواتب البشرية والمكافآت المناسبة، أصبحت مصدر دخلهم الأساسي.

بالإضافة إلى ذلك فإن اتجاه العمل عبر الإنترنت لا يقتصر على البرمجة رغم أنه المجال الأكثر شهرة حيث أنه يمتد إلى كافة أعمال التسويق الإلكتروني وأيضا إلى الكثير من أعمال مستقل عيسى الصيدلي الذي ترك مهنته . بعد 5 سنوات من الدراسة، يقول إن العمل الحر أعطاه ما لم يستطع دراسته، وهو الادخار، فاتجه إليه مباشرة دون النظر إلى الوراء.

ومع مرور الأيام، أصبحت هذه الوظائف مصدر دخل لأكثر من مجرد الأشخاص الذين يعملون هناك، حيث قاموا بتكوين أسر وساعدوا في إعالة أسرهم بدخل ثابت، يتناسب مع حالة التضخم الحالية في البلاد، مما يزيد التوتر والتوتر. الخوف من شبح الفصل لأسباب خارجة عن إرادتنا.

الطرد المتعدد

نشر طارق علي، المبرمج والمؤثر المصري المقيم في كندا، عبر حسابه على موقع فيسبوك، أن عددا من أصدقائه الذين يعملون عن بعد فقدوا وظائفهم، فضلا عن عدد من مستخدمي منصة “X” الذين شاركوا نفس الشيء، لافتا إلى أن أن السبب الرئيسي هو انقطاع التيار الكهربائي.

وفي الوقت نفسه، أرسلت إحدى الشركات خطاب رفض إلى أحد المصريين الذي تقدم بطلب للحصول على وظيفة، وأرجعت فيه الشركة سبب الرفض إلى انقطاع التيار الكهربائي المستمر وعدم استقرار خدمة الإنترنت في مصر.

لا يمكن التأكد من صحة هذه الرسالة، حيث ظهر حولها بعض المشككين الذين يزعمون أنها مكتوبة بواسطة الذكاء الاصطناعي، ولكن في نفس الوقت لا يمكن تجاهل الخطر الذي تشير إليه حتى لو كانت الرسالة غير حقيقية، حيث أن ويقدر موقع Business Forward التابع له أن الجامعة الأمريكية في مصر أعلنت أن انقطاع التيار الكهربائي يشكل خطرا حقيقيا على السياحة في وقت تحتاج فيه البلاد إلى العملات التي تتلقاها.

وفي حديثه مع يحيى، الذي كان أحد المتضررين من عمليات التسريح عقب انقطاع التيار الكهربائي، أكد أن مديره المباشر أبلغه بالأمر بعد انقطاع التيار الكهربائي الذي استمر أكثر من شهر، لم يتمكن خلاله يحيى من تنفيذ مهامه بشكل كامل الواجبات، بينما لا تسمح الشركة بالعمل في غير أوقات العمل الرسمي.

أزمة معقدة

ويقول يحيى إن الأزمة لا تكمن فقط في انقطاع التيار الكهربائي الذي يمكن حله بعدة طرق، بل في الانقطاعات الأخرى التي تتبعه، حيث يختفي الإنترنت والهواتف المحمولة تباعا مع انقطاع التيار الكهربائي عن معظم المناطق، مما يجعل الاتصال مستحيلا. إلى الإنترنت عبر الهواتف المحمولة أو الإنترنت الأرضي.

وهو ما يعيق كل محاولات تجنب الأزمة، إذ يمكن تجنب انقطاع التيار الكهربائي بشراء مولدات كهرباء منفصلة أو صناديق كهربائية، أما انقطاع شبكات الإنترنت الأرضية أو حتى شبكات الإنترنت الجوية لا يمكن تجنبها أيضًا. .

وبالحديث مع أحمد أحد موظفي الشركة المصرية للاتصالات، وسؤاله عن سبب انقطاع شبكات الهاتف المحمول والإنترنت في نفس الوقت، أجاب أن صناديق توزيع الإنترنت وشبكة المحمول تعتمد بشكل أساسي على الكهرباء، ومع غيابها البطاريات الموجودة في هذه الصناديق وسرقة بعضها، وتختفي جميع الشبكات تماماً.

أزمة تهدد الملايين من الناس

لا توجد أرقام واضحة عن نسبة العاملين في مجال البرمجة أو العاملين عن بعد في مصر، حيث أن نسبة كبيرة منهم لا يفصحون عن مصدر دخلهم أو حتى حقيقة عملهم لدى شركة خارجية خوفا من التبعات القانونية لهذه القضية لكن المؤكد أن هذا النوع من العمل أصبح جزءًا ضروريًا من البنية الاقتصادية والعملية للمصريين، كما أبرز ذلك مقال في «الشارع المصري» نشر عام 2023.

ولذلك فإن أزمة انقطاع التيار الكهربائي وما نتج عنها من تسريح للعمال تحمل في طياتها مخاطر أكبر مما تبدو، لأنها تهدد مصدر الدخل الرئيسي للعديد من الأسر، كما أنها جزء من الدورة الاقتصادية للشارع المصري.